Friday, November 24, 2006

عندما يصمت العقل

عاهدت نفسي اليوم وانا اشرب كوبا من الشاي في تمام الساعه الثامنه صباحا وانا اسمع اغنيه لفيروز والبس ملابسي حتى اذهب لألتحق بالقافله الطبيه التي ستقيمها رساله بمنطقه قالو لي انها تدعى "نزله الاشطر" بأن لا اغضب وان لا يعلو صوتي على اي من المرضى مهما كان السبب
ولكن في نهايه الكوب اكتشفت ان الساعه اصبحت الثامنه و 25 دقيقه فنزلت مسرعا وركبت سياره اجره " تاكسي " - اصلي غني غنى فاحش واخر حاجه بفكر فيها الفلوس - وهنا شنف سائق التاكسي المدعو رجب اذاني برائعه من روائع الفنان الرومانسي عماد بعرور اتذكر منها جمله تقول ( البانجو ده مش بتاعي هما اللي رموني عليه ) وفي وسط الاغنيه اشعل رجب سيجاره مستدقه الشكل ونفث دخانها في وجهي او لتحري الدقه في رئتي فنظرت له نظره معناها " ارحمني مش على الصبح يا اخي " ولا اخفي عليكم ان رجب يتمتع بفراسه رائعه سمحت له بأن يفهم ما اريده دون ان اتحدث فقال لي بثقه : دي الاصطباحه يا بيه حينها اقتنعت اني يجب ان اضع لساني في فمي حتى اصل سالما
وصلت والحمد لله وانطلقت القافله - في حوالي 4 دكاتره اعتذروا بس بردو عادي - ووصلنا الى النزله وهناك وجدت حشودا من الجماهير تنتظرنا كأننا نجوم الاهلي بعد ان عادوا بالكأس حينها عرفت ان الاختبار الحقيقي لقوه عهدي قد بدأ وبدأت اكتشف هل سأحنث بعدي ام لا؟
بدأ اليوم فعليا في تمام الساعه 11 ظهرا ولكن الوحوش الضاريه التي تقطن في النزله كادت ان تلتهمني انا ورفاقي ومتعونا بكل انواع السباب التي تقوم قناه ميلودي افلام بقطعه - بس مش بتقطع اي منظر خارج - والملفت للنظر اني كثيرا ما كنت اخترق الجموع الغفيره حتى اسد فم احد رفاقي قبل ان يتهور وينطق ببنت شفه لأحد الوحوش ولكني كنت اهتم ايضا بسد اذنيه حتى لا يسمع ما يوجه اليه من كلمات رقيقه قد تصل الى والده او في بعض الاحيان الي والدته من ذلك الوحش ثم اعود لأرمق ذلك الوحش بنظره تعقبها ابتسامه ثم توبيخ لذلك الوحش لما فعله مع زميلي وكثيرا ما كنت اقنعهم وما ان اعطي ظهري حتى اسمع " الواد ده باينه عبيط " ولكن الحمد لله ايضا لم اغضب فقد عاهدت نفسي بالصمت
اعتقد ان السؤال المنطقي الان لماذا كانو يفعلون ذلك؟ كان ذلك لأننا لم نسمح لزيد ان يدخل قبل عبيد هذا لان حرف ال " ز " يسبق حرف ال "ع " في الترتيب الابجدي العربي ولكن حرف ال "الزد " لا يسبق حرف ال " الاي " في الترتيب الابجدي الانجليزي فلماذا نسمح لأنفسنا بأن نتعامل بالعربي لا بالثقافه الاجنبيه - طبعا بتريق - لكن كانت جميع المشاكل في مثل هذه التفاهه
لا ادري هل انا اكثر المتشائمين ام انا اكثر الواقعيين ولكن استطيع القول ان سائق التاكسي - رجب - والوحوش القاطنه بنزله الاشطر وللاسف نحن كنا اكبر مثال لصمت العقل بل لموته واعتقد اني اكثر ما اخاف منه هو الاميه لا اقصد اميه الجهلاء بل اقصد اميه المتعلمين فعندما صمتت عقولهم ابينا ان تتكلم عقولنا واسكتناها وتعاملنا بنفس الهمجيه صرخنا بهم كما صرخو بنا واعتقد انه كان من الممكن ان نتبادل اللكمات بل وسب الدين ان تطلب الامر
اعتقد اننا اليوم لم نعطهم درسا في حوار العقل بل اعطيناهم درسا في كيفيه تناسيه ورسخنا بداخلهم الفكر الواعي والنموذجي للهمجيه
لا يسعني الا ان ادعو لهم بالرحمه وادعو لنا بالمغفره

No comments: